Wednesday, 07 September 2016 11:19

حوار الأجيال ... حوار التداخل الاجناسي - خالد خضير

Rate this item
(0 votes)

(حوار الأجيال) معرض مشترك أقامه الفنانان التشكيليان محمد مهر الدين ودلير سعد شاكر مؤخرا في عمان (قاعة الاورفه لي)، لم يكن المعرض فرصة لحوار الأجيال فقط بل كان فرصة أهم لاختيار قدرة الفنون على التداخل الاجناسي، برغم أن كل مبدع يهدف للوصول إلى غايات ونهايات شتى، وبذلك يمكن أن نضع مقال الناقد فاروق يوسف -الذي كتبه في كراس المعرض- مدخلا يمكن تعميم نتائجه لتشمل تجربتي الفنانين المشاركين، وليس فقط دلير سعد شاكر الذي عناه فاروق يوسف.

فحينما "سعى دلير سعد شاكر- كما ذكر فاروق يوسف- إلى الانحراف بالمادة (= الطين) عن حيز حيويتها التقليدية، فانه كان يراهن على الخروج بها في اتجاه فضاء تعبيري اكثر سعة ، فضاء يضعها في مواجهة الخفي من كفاءتها الجمالية) ، ولكنه بعبوره من فضاء السيراميك إلى فضاء الرسم يطيح بشيئية الطين حينما يخفيه تحت قناع اللون ويقصيه عن الواجهة ، وبذلك فهو (يركب نوعا من العلاقة بين مادتين ، لا من اجل الوصول إلى مادة ثالثة بل لكي ينتج صفة). فيكون ذلك الجمع بين المادتين علاقة غير متوازنة بينهما بل يمكن اعتبار تلكما المادتين (الطين واللون) عناصر أولية لا يراد استثمار شيئيها (متيرياليتها) بل بطريقة معاكسة لذلك، الإطاحة بنواتج توالجهما والخروج بنتائج هي وليدة ذاتها، فهي ليست نتيجة لذلك التوالج الشيئي الاجناسي بالضرورة.

نحن نتفق تماما مع الناقد – الشاعر عبد الرحمن طهمازي بأن محمد مهر الدين (يتدخل) الآن (لتحريك) أسلوبه إلا أننا نشك في (إن التجريد الصلب عن ذلك الرسام لم يسمح لعناصر غير تصويرية أن تتطفل عليه) ونعتقد أن الوجود الإنساني هو ما يتمثل (بغصات مبحوحة للحروف والأرقام والمعادلات والخرائط) ولكن هذا الوجود، برغم احتفاء الكثيرين به باعتباره (دراما اللوحة) إلا انه ينقض حكم طهمازي حينما تتسلل العناصر اللغوية الصريحة التي تقع في فضاء خارج بصري بغض النظر عن مواقفنا (الأيديولوجية) منها لتشكل بديلا من ذلك الوجود، لافتات تشي بمعان لغوية مثل: DIRTY WAR، ABUGHREBPR، USA) ديمقراطية الدم ، اختلقها لقتل المسلمين في وطني الجريح يتعانق الحب والسياسة والإرهاب... الزرقاوي شخصية وهمية، BLOOD ، NO BADY KNOW) وبذلك يعيد مهر الدين (روح) منجزه خلال السبعينيات أيام كولاجات الخشب والكونكريت، وأيام كولاجات الفوتوغراف النكتف ولكن بأشكال مجردة الآن حينما يتم التعويض عن (المشخص) بإحلال اللغوي محله. كان شاكر حسن أل سعيد يبتغي اهدافأ مختلفة تماما حينما رسم لوحاته ذات الوجهين، فقد كان يهدف من الناحية البصرية، في الأقل، إلى تحقيق اكبر قدر من التوالج البصري بين سطحي اللوحتين يجعلنا أحيانا في حيرة من امرنا فيما يخص مكان توثيقه ليشمل على (جانبي) اللوحة بتوقيع واحد فقط، بينما كان محمد مهر الدين في لوحاته ذات الوجهين يختصر الوجود المادي للوحة يجعلها ذات سطحين بدلا من سطح واحد، وكأنما الأمر لا يعدو أكثر من توسيع (مساحة) العرض في اللوحة الواحدة، وبذلك تكون رؤيته شيئية ومختلفة بشكل جوهري عن رؤيوية شاكر حسن أل سعيد في هذا الأمر. يمكن القول إن (منحوتات) مهر الدين في هذا المعرض هي أنموذج آخر للتداخل الاجناسي الذي يتكئ على جنس ويهيمن على الآخر، تماما كما فعل دلير سعيد في أعماله هنا، (فمنحوتات) مهر الدين، والأقواس مقصورة هنا تماما، هي بشكل ما لوحات ذات سطح واحد متضخم من خلال الإسراف في الكولجة (= من كولاج)، وهي تعيد المتلقي إلى أيام مهر الدين السابقة حينما كان يلصق ما شاء على سطح اللوحة من خشب وملصقات كونكريتية وشتى المواد البنائية، لكنه الآن يستخدم مادة البلاستك وتنويعاتها ليلفق على (سطر) العمل شكلا ثلاثي الأبعاد (= حجما) لكنه في أحيان كثيرة لا يوفر إمكانية الدورات حوله لوجود سطح في احد جوانبه وبذلك تفتقد (المنحوتة) واحدة من أهم اشتراطاتها النحتية، ويبقى مهر الدين رساما يحمل هما تجديديا وتجريبيا لا يتورع من تجريب أي مادة تقع تحت يده مادام يشعر بقدرته على تطويعها، والاهم تحويلها إلى عمل تشكيل مهما كانت درجة قطيعته مع المنجز السابق عليه.

Read 2289 times

Copyright © 2017 Delair Art. All Rights Reserved.
Powerd by ENANA.COM